رسمت الفنانات الشابات الست، المشاركات في معرض بادرت إلى تنظيمه جمعية "السيباط" للحفاظ على التراث، واستضافته جمعية "المهباج" للتراث والإبداع في مقرها في البلدة القديمة في مدينة الناصرة، ابتداءً من يوم السبت الماضي، أنفسهن، وتطلعاتهن وأمانيهن الخاصة والعامة.
وهؤلاء الفنانات هن: خلود الحاج يحيى/ خليلية، وحنين منسى/ أبو العسل، وليالي إغبارية، وإيمان زهر، وريم طنوس، وهيفاء شوفاني، وهن من أصل ثلاثة عشر طالبة، شاركن في دورة فن الرسم، في المعهد العالي للفنون، و"بيت الكاتب" في الناصرة.
وتتواصل هذه الدورة على مدار ثلاث سنوات، ويعلم فيها مدرسون أجانب، إضافة إلى مدرس عربي هو زياد طارق شريف.
وقالت الفنانة حنين منسى: إنها جاءت إلى عالم الفن الذي أحبته منذ نعومة أظفارها من ناحية التحدي، وإنها في البداية درست السياحة وإدارة الأعمال في حيفا.
وكانت حنين متخوفة مما تتطلبه دورات الفنون من رسم، فانتقلت للدراسة في العفولة، والتقت هناك بمرشدة أغدقت عليها في التشجيع على ممارسة الرسم، بل أخذت تتحدث إلى الآخرين عن موهبتها التي كنت تشعر بها، دون أن تتمكن من التعبير عنها، وجعلها تثق بنفسها أكثر، فانتقلت من دورة السياحة، بعد حصولها على اللقب الأكاديمي الأول، إلى دورة فن الرسم في المعهد العالي للفنون في مدينتها الناصرة، وابتدأت هناك تشعر بمزيد من الثقة بالنفس، وشرعت منذ البداية في رسم ذاتها.
وأضافت أنها من المؤمنين أن من يحسن رسم ذاته والحوار معها، إنما يحسن رسم ذوات الآخرين والحوار معهم، وأن كل حوار حقيقي إنما يبدأ من الذات ويمتد بعد ذلك إلى الآخرين. وحنين من بيت فني، وهي تعمل في المجال الاجتماعي في جمعية "فتيات في ضائقة".
وذكرت حنين أن واحدة من رسوماتها الأولى، في الدورة، جاءت عندما طلب منها مرشدها أن تفتح صندوقها الخاص ففتحته، وذهبت إلى حرش قرب بيت هو بيتها والتقطت صورة، لمنطقة فيها شجر وحجر كانت تجلس عليه في طفولتها، وأدخلت الصورة إلى الحاسوب، وأظهرتها كأنما صورة قديمة، وأدخلت على حوافها صوراً لساعة قديمة، في إشارة منها إلى الزمن الذي ينبغي أن نهتم به ونوليه ما هو جدير به من اهتمام، لأنه يتسرب من بين أيدينا مثلما تتسرب المياه من قبضة اليد.
وبدورها ذكرت خلود الحاج يحيى أنها بخلاف زميلتها حنين، فقد جاءت إلى الفن عن وعي، ومنذ طفولتها أحبت الفن وحتى يوم درست موضوع "التعليم الخاص"، وعملت في قسم الشؤون الاجتماعية في بلدية الناصرة، مع "الفتيات في ضائقة"، كان الفن رفيقها وكانت تحاول أن تعالج من تتعامل معهن عن طريق الفن والرسم، ولم يكن صدفة أنها التحقت بالدورة المشار إليها في المعهد العالي.
وقالت خلود، إنها عندما طلب منها مدرس الرسم أن تفتح صندوقها الخاص، وأن تصنع تمثالاً، ابتنت مجسماً واسعاً من مادة الحديد، وكتبت عليه عام النكبة بشكل نافر وواضح للعيان 1948.
وأوضحت أن العالم جميعه يريدنا أن نكون رقماً، رغم أننا عوالم متكاملة من المشاعر والأحاسيس، ولقد أردت في صنعي لهذا المجسم أن أتمرد على واقع ينبغي أن أتمرد عليه، وكان لا بد لي من أن أدعو الآخرين إلى التمرد عليه لما يحفل به من ترقيم وتهميش.
ورداً على سؤال حول المشاكل التي تواجههما كفنانتين شابتين، عبرت الفنانتان، منسى، والحاج يحيى، عن امتعاضهما من حالتي اللامبالاة والاستهتار اللتين تواجهان بهما من أناس من محيطهما الاجتماعي، كما عبرتا عن المعاناة التي تتسبب فيها الظروف الاقتصادية السائدة، لا سيما وأن الفن والرسم خاصة يحتاجان إلى مصروفات مضاعفة مقارنة بسواه من دروب فنية.
