هل هي "عنصرية دينية"؟ وإذا كان المسلم والمسيحي يتعايشان في السكن والعمل والحياة، فلماذا لا يتجاوران في الممات، ويتم دفنهما في مكان واحد إلى جوار بعضهما البعض؟ يبدو أن العنصرية الدينية لها علاقة ما، بهذا الجدل، هكذا يعتبرونها في "الغرب المسيحي"، وسط تساؤلات عن أسباب غلق أبواب التسامح في عصر تتصارع فيه الأفكار والثقافات والحضارات متأثرة بالجانب الديني في الأساس، فصول القصة بدأت بوفاة رجل باكستاني مسلم يدعى عبدالله خادم حسين، أثناء زيارته للأبناء الذين يقيمون في فيرجينيا بالولايات المتحدة الأميركية.
وعقب وفاة الأب بصورة مفاجئة "على إثر أزمة قلبية"، قرر الأبناء دفنه في مقابر مسيحية "مقابر حديقة النصب الوطني التذكاري"، ولم يجد الأبناء معارضة تذكر من أي جهة مسيحية، وأثناء تشييع الجثمان إلى مثواه الأخير، إعترض شيخ المسجد المحلي، رافضاً إستكمال مراسم الدفن، حيث قال إن الإسلام يمنع دفن المسلم في المقابر المسيحية، إلا في حالة الضرورة، على أن يتم نقل الجثمان فيما بعد إلى مقابر المسلمين.
الرجل المتوفي كان يناصر التقارب بين الاديان
وأصرت العائلة الباكستانية المسلمة على قرار دفن الأب في المقابر "غير الإسلامية". وحينما إحتدم الخلاف بين رجل الدين المسلم وأفراد العائلة الباكستانية، تطوعت زوجة الرجل الراحل وقالت إنها تتحمل مسؤولية دفنه في هذه المقابر، فرفض رجل الدين ما قالته، باعتبار أنها ليست ذكراً عاقلاً بالغاً، وحينما أصر الأبناء على استكمال مراسم الدفن في عين المكان، قابلهم رجل الدين المسلم برفض تام، مؤكداً أنه يرفض تحمل الذنب الكبير المترتب على هذا الوضع الذي لا يتفق مع صحيح الدين الإسلامي على حد قوله.
في نهاية الأمر رضخ رجل الدين لضغوط العائلة، حيث اتضح أن المتوفي كان مسلماً ملتزماً من الناحية الدينية، لكنه كان من أشد أنصار التقارب بين الأديان، وتعليم البنات، والمساواة بين النوعين، وقبل وفاته عمل في مشروع لنشر تعليم البنات في أحد أحياء كراتشي الفقيرة، وجاء إصرار الأبناء على دفنه في مقابر غير إسلامية، منسجماً مع الفكر التسامحي الذي كان يعتنقه الأب الراحل، إلا أن الجدل بدأ ولن يتوقف قريباً في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي سواء في الغرب أو في باكستان وغيرها من البلدان الاسلامية.