هل تتوقع أن واحدة من أكبر الدول الصناعية فى العالم كانت فى البداية مطمعا لدول أوروبية واستعمرتها فترات طوالا؟!، بالفعل لكنها تمردت على الاستعمار بطريقتها الخاصة، فما قصة دولة الصين، وماذا فعلت؟ امتدت المطامع الأوروبية فى القرن التاسع عشر إلى هذه الإمبراطورية العظيمة التى تزيد مساحتها عن أوروبا (12 مليون كيلو متر مربع تقريبا)، ويبلغ عدد سكانها على أقل تقدير 300 مليون، ويمتد نهراها العظيمان هوانهو ويانجكيان وسط بقاع خصبة واسعة وهى من أغنى ممالك العالم بحاصلاتها الزراعية ومعادنها، وكان يحكمها حتى سنه 1922 إمبراطور "ابن السماء". حاولت الدول التوغل ونشر تجارتها فى أرجائها، حيث كانت الصين فى القرن السادس عشر إلى سنه 1840 مغلقة أمام التجارة الأوروبية باستثناء نقطة واحدة فى الجنوب، وكان البرتغاليون استوطنوا فيها سنه 1517.
كان الإنجليز يتاجرون فى هذه المدينه الجنوبية بالأفيون الذى تصدره الهند ويدخنه الصينيون، ولكن الحكومة الصينية حرمت بيعه فى سنه 1829، فحاصر الإنجليز كانتون وأعلنوا الحرب على الصين المعروفة بحرب الأفيون (1840-1842)، فاستولوا على بعض المدائن ودخل أسطولهم نهر يانجيكان فاضطر الصينيون إلى عقد الصلح والتنازل لإنجلترا عن جزيرة هونكون فى خليج كانتون وفتح خمس موانئ لجميع الأجانب من غير تمييز. لم تكتف إنجلترا والدول الأوروبية بالامتيازات الضئيلة التى حصلت عليها واتفقت الحكومة الإنجليزية ونابليون الثالث على إرغام الصين بحرب جديدة على الانفتاح للنفوذ الأوروبى .
أرسلت الدولتان إلى الصين جيشا مؤلفا من 35 ألف مقاتل هزم الجيش الصينى ودخل بكين فأمضت الحكومة الصينية معاهدة بكين 1860، التى بمقتضاها ردت للمسيحين أملاكهم المصادرة وخولت حق تعيين سفراء أو وزراء مفوضين فى بكين .تألفت جمعيات سرية كثيرة من الصينيين ضد المبشرين الأجانب، وأرغمت الدول الصين على فتح موانئ كثيرة وظهرت نواياها فى هذه البلاد التى ضربت عليها نطاقا من مطامعها، فتنبه الصينيون للخطر وقامت ثورة "الملاكمين" الشهيرة فى الجنوب عام 1900، وأحرقت الكنائس.
فاتفقت الدول الأوروبية واليابان والولايات المتحدة على التدخل فى الصين وأرسلت جيشا بقيادة الفيلد مارشال الألمانى فاستولت على بكين، وظهرت فى الصين أحزاب لمقاومة التدخل الأجنبى، وفى عام 1905 بدأت بتنظيم الجيش الصينى الذى وكان بداية التخلص من تلك التدخلات.
