عرف الاسكتلنديون منذ زمن طويل بأنهم من ذوي المزاج العكر، انعزاليون ومتجهمون، لكن دراسة جديدة وجدتهم في الحقيقة الأكثر ودًا بين البريطانيين. وتوصلت الدراسة التي اجرتها جامعة كامبردج، لتحديد الصفات الشخصية للسكان في انحاء بريطانيا، إلى أن البريطانيين من سكان الشمال واسكتلندا أكثر لطفًا وتعاونًا من أهل الجنوب.
لعله من غير المستغرب أن تجد الدراسة أن اللندنيين هم الأقل ودًا، رغم انهم الأكثر ليبرالية والأوسع افقًا والأكثر انفتاحًا على خبرات جديدة. واكتشفت الدراسة أن أهل العاصمة البريطانية غير متعاونين ومشاكسون وسريعو الغضب. وبحسب الدراسة، أهل مقاطعة ويلز أكثر انفتاحًا لكنهم الأكثر خجلًا والأقل استقرارًا من الناحية العاطفية. وتوصلت الدراسة إلى أن سكان شرق انكلترا هم الأكثر نزاهة ولكنهم يميلون إلى حياة العزلة عن الآخرين.
تجد الدراسة أن اللندنيين هم الأقل ودًا
وطلب الباحثون من 400 الف بريطاني أن يصنفوا شخصيتهم في اطار استبيان أطلقته بي بي سي على الانترنت، بعنوان "اختبار الشخصية الكبير" منذ 2009. وطُلب منهم أن يقي ِموا استقرارهم العاطفي وانفتاحهم وانبساطهم ولطفهم ونزاهتهم. ودرس الباحثون الطباع الشخصية التي يبدو انها تحدد سمات المنطقة. نقلت صحيفة ديلي تلغراف عن الدكتور جيسون رينتفراو، من قسم علم النفس في جامعة كامبردج، قوله إن فهم الطريقة التي تختلف بها الصفات الشخصية هو أكثر من "مجرد تسلية"، مشيرًا إلى أن الفوارق الجغرافية تترتب عليها نتائج اقتصادية واجتماعية وصحية، وبالتالي تحدد أهمية توزيع الموارد.
ورغم الانتقاء الذاتي الذي يمارسه المشاركون في استبيانات على الانترنت، فإن السمات الديموغرافية تمثل السكان البريطانيين بحيث يمكن تكوين صورة عن نفسية الشعب، كما أوضح رينتفراو. واكتشفت الدراسة أن أكثر البريطانيين انفتاحًا من الناحية الاجتماعية هم أهل لندن وجنوب شرق انكلترا ومقاطعة يوركشاير ومدينة مانشستر ومناطق من اسكتلندا، وقال الباحثون إنهم وجدوا فيها نسبًا عالية من "الاجتماعيين والمنفتحين وكثيري الدردشة".
اكتشفت الدراسة أن أكثر البريطانيين انفتاحًا من الناحية الاجتماعية
وعلى النقيض من ذلك، سُجلت مستويات متدنية من هذه الصفات في شرق وسط انكلترا ومقاطعة ويلز وهمبرسايد وشمال انكلترا، حيث السكان أكثر هدوءًا وتحفظًا وخجلًا. ومن يبحث عن اشخاص وديين، لطفاء يثقون بالآخر، فأفضل مناطق هذه الصفات هي اسكتلندا وشمال انكلترا وشرقها وجنوب غربها. ومن يريد الانشراح والمرح فعليه أن يتجنب ويلز ووسط انكلترا حيث تنتشر الكآبة. وعلى النقيض من ذلك، فإن سكان الجنوب الغربي يتسمون بالهدوء والاسترخاء والاستقرار العاطفي.
كما يبدو أن الصفات الشخصية تؤثر في تصويت الناخبين، إذ يميل مؤيدو المحافظين إلى أن يكونوا متزوجين ومتعافين صحيًا واصحاب ضمائر حية، في حين يجنح ناخبو العمال إلى أن يكونوا عصابيين ومكتئبين ومعتلين صحيًا، بحسب الدراسة. تشير النتائج إلى أن المناطق التي تتسم بنسب عالية من العصابية يكثر فيها الذين ينتمون إلى يسار الوسط والطبقة العاملة ويعانون من تردي الصحة البدنية. وتميل المناطق الأكثر انفتاحًا إلى التصويت للديمقراطيين الأحرار.
من يريد الانشراح والمرح فعليه أن يتجنب ويلز ووسط انكلترا حيث تنتشر الكآبة
وقال الباحثون إن المناطق التي يسكنها اشخاص على درجة عالية من الانفتاح تكون مناطق كوزموبوليتية ومزدهرة اقتصاديًا وليبرالية سياسيًا. ويعتقد الباحثون أن هناك اسبابًا وجيهة لاختلاف الصفات الشخصية بحسب المناطق. فالتقاليد والعادات المحلية قد تحدد المواقف وانماط السلوك المحلية في حين أن البيئة المادية نفسها قد تؤثر في الأفكار والمشاعر والسلوكيات. وأظهرت دراسات سابقة أن لدى الذين يعيشون في مناطق مشمسة نظرة أكثر ايجابية إلى الحياة.
وتذهب نظرية أخرى إلى أن بعض المناطق تكون بطبيعتها أخطر من أخرى بسبب التضاريس الطبيعية، أو أن خطر المرض في بعض المناطق يشجع على أن يكون المرء أكثر حذرًا وصاحب سلوك يتجنب المغامرة، الأمر الذي يجعل سكان هذه المناطق انطوائيين وخجولين. كما تشير أبحاث أخيرة إلى أن المبدعين والاجتماعيين يميلون إلى هجرة مدنهم أكثر من الآخرين. وأظهرت دراسة نشرتها جامعة اوكسفورد أخيرًا أن البريطانيين ما زالوا موزعين وراثيًا على ممالك قبلية، عاشت في القرن السابع، في مؤشر إلى بقاء الجماعات السكانية في مناطقها منذ 1400 سنة.
