spacer
باستخدامك موقع موقع فرفش تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
spacer
spacer
farfesh Twitter Page
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer
مسلسلات رمضان 2024
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer

تقنيات معادية تجعل الناس اكثر كسلا واكثر غباء.. تمعن فيها

راسلونا: news@farfeshplus.online
18:30  26/08/2015

لا يقف العالم النفسي الألماني فولغانغ شميدباور ضد التطور التقني الذي يسهل حياة البشر، لكنه يعتقد أن العديد من هذه التقنيات تحولنا إلى كسالى وأغبياء، خصوصًا حين نستخدمها في غير محلها. في بلدة صغيرة في توسكانيا، يعيش المحلل النفسي النمساوي المعروف فولفغانغ شميدباور. هناك، قررت البلدية وضع اشارات تنظم المرور على جسر صغير. يشرح شميدباور كيف تسبب استخدام هذه التقنية بزحام وفوضى دائمة على جسر كان البشر ينظمون مرورهم عليه بأنفسهم ودون مشاكل.

الابتكارات الغبية

في بلدة بوركن الألمانية الصغيرة لا يتحرك سوى قطار واحد كل ساعة بينها وبين مدينة ايسن القريبة، لكن بلدية المدينة أبت إلا أن تستخدم التقنيات المستخدمة في مدينة مزدحمة مثل برلين، ووضعت لوحة كهربائية كبيرة تعلن مواعيد حركة القطار. وهذا مثال على ترابط قضية التقنيات التي تستغبي البشر بآليات عمل المجتمع الاستهلاكي الذي ما انفك يبتكر ويطور ويستخدم التقنيات الزائدة عن الحاجة.

 صورة رقم 1 - تقنيات معادية تجعل الناس اكثر كسلا واكثر غباء.. تمعن فيها
"موسوعة الابتكارات الغبية"

"موسوعة الابتكارات الغبية" كتاب لشميدباور، صدر عن دار "اوكونوم" في 250 صفحة من القطع المتوسط، سعره 18,90 يورو. يشرح الكتاب كيف أن الكثير من التقنيات الحديثة التي أغنت حياتنا قادتنا في الوقت نفسه إلى الكسل والغباء وقلة الحركة والبدانة والأمراض المتربطة بها. والكتاب علمي طريف يذكر بكتاب "دور الصدفة والغباء في التاريخ"، للكاتب اريك دورتشميد، الذي يشرح فيه كيف أن حفنة مسامير أدت "صدفة" إلى خسارة نابليون معركة واترلو، وكيف تسبب برميل من الجن الهنغاري (بالنكا) بخسارة النمسا معركة هائلة ضد العثمانيين، وكيف لعب "الغباء" دورًا في تحطيم بنية العراق بسبب غزو صدام حسين للكويت.

الارتجال والابداع

تسلبنا بعض التقنيات الحركة، بل وحتى التفكير. والأمثلة هنا كثيرة، تبدأ بجهل التلاميذ الصغار بجدول الضرب في المدارس، وتنتهي بأجهزة التحكم عن بعد التي صارت تشغل التلفزيون وانظمة التبريد والنور ...إلخ. وهي ابتكارات كان البشر يحلمون بها قبل عقود من السنين ثم ولجت حياتهم بقوة وسلبتهم الحركة، وصاروا يحلمون الآن بابتكارات أخرى ستجعلهم يتخلون عن التفكير أيضًا حينما تتوفر بين أيديهم.التقنيات تعني كسب الكثير من الزمن بالنسبة للمحلل النفسي المعروف شميدباور، ويكفي أن نتصور قدر الزمن والجهد المبذول في غسل الملابس باليدين. وكيف تؤدي الغسالات الالكترونية اليوم العمل خلال ساعة نستطيع خلالها قراءة كتاب أو تأدية عمل آخر. فاستخدام التقنيات الحديثة في الحياة لا يعني سوى التعامل بوعي مع الحضارة في آخر المطاف.

 صورة رقم 2 - تقنيات معادية تجعل الناس اكثر كسلا واكثر غباء.. تمعن فيها
المحلل النفسي النمساوي فولفغانغ شميدباور

ولكن أن نحصل على تقنيات تؤدي كامل الأعمال لنا لا يعني غير تحويلنا إلى"تنابلة"، لأن الارتجال يصنع السرور بينما يسلب الراحة الابداع. ويقول شميدباور انه "متشائل" ويرفض تهمة التشاؤم التي تلاحقه بسبب نظرته السلبية إلى الجانب السلبي من التطور التقني بالعلاقة مع الكسل والغباء. ويقول الكاتب إن المتفائل يتمتع بالحياة في حين أن المتشائم يقف على حق في أغلب الأحيان.

سلالم وجلطات

لا يشك أحد بأن اختراع المصاعد والسلالم الكهربائية جاء في خدمة البشر في العمارات العالية، وفي خدمة الناس المحتاجين إليها وخصوصًا المسنين والحوامل ومرضى المستشفيات... إلخ، لكن شميدباور ينظر بقلق إلى عدد هائل من الشباب وهم يقفون بالصف بانتظار صعود السلالم الكهربائية بدلًا من ارتقاء سلم حجري صغير في محطات المترو. هنا يمتلك المرء الخيار بين تنشيط عضلاته قليلًا على السلم التقليدي أو اتخاذ السلم الكهربائي صعودًا إلى الطابق الأعلى من البدانة. يلاحظ الكاتب أن 90% من ضيوف المترو يقفون بانتظار السلالم الكهربائية بالضد من 10% من النشطاء الذين يبلغون الشارع بسرعة ورشاقة. هنا يتحمل الكسل، والاستخدام "الغبي" للسلالم الكهربائية، مسؤولية جلطات قلبية وسكتات دماغية تشكل أكثر من 42% من أسباب الموت في النمسا في العام 2014، بحسب إحصائيات الكاتب.

 صورة رقم 3 - تقنيات معادية تجعل الناس اكثر كسلا واكثر غباء.. تمعن فيها

ميزان الطاقة

في المساء، أمام التلفزيون، ومع قنينة كوكاكولا وشيء من المكسرات، يقضي معظم النمساويون أماسيهم من دون أن يتحركوا عن الكنبة. فجهاز التحكم عن بعد سهل الحياة اكثر من اللازم، وما عاد الإنسان بحاجة إلى النهوض لتغيير القنوات أو التحكم بالصوت، بل يجلس الإنسان وأمامه أكثر من جهاز تحكم اليوم، بعضها لاطفاء النور، الآخر لانزال الستائر وغيرها لفتح كوة الباب أمام هر المنزل. وميزان الطاقة واضح في مجتمع استهلاكي يدفع البشر دون وعي نحو البدانة والكسل. فقضاء مثل هذه الأمسية أمام التلفزيون يعني تراكم السعرات الحرارية في الجسم وكسب طاقة غير مرغوب بها، بيد أن اطفاء التلفزيون بواسطة جهاز التحكم عن بعد لا يعني غير تحويل التلفزيون إلى حالة الاقتصاد بالطاقة، وهذا يعني هدر المزيد من الطاقة التي ترفع قائمة الكهرباء السنوية.

 صورة رقم 4 - تقنيات معادية تجعل الناس اكثر كسلا واكثر غباء.. تمعن فيها

سيارات وجوالات

السيارة الكاملة الأتمتة، التي تتحول بسرعة عالية إلى سيارة روبوت، لا تقل عن غيرها دفعًا للبشر نحو الغباء، رغم أن الروبوت أقل ارتكابًا للخطأ في القيادة من الإنسان، كما أنه لا يتعب ولا يسكر. ينظر مؤلف "موسوعة الابتكارات الغبية" إلى هذا الجانب السلبي من موضوع السيارة، وهو تحولها إلى جهاز معقد ما عاد بوسع السائق أن يرمم جزءًا منه من دون العودة إلى الورشة، أو إلى الشركة الأصلية التي انتجته. ويقول شميدباور انه كان يستطيع تحريك عقله وعضلاته قليلًا كي يصلح عطبًا في سيارته قبل 20 سنة، لكنه يعجز عن ذلك الآن. وبدلًا من البحث قليلًا في الخرائط، وتتبع الطرق باستخدام جهد عقلي بسيط، صارت أجهزة الملاحة في السيارة تؤدي كامل المهمة من دون عناء. وتحول محرك السيارة من محرك ميكانيكي إلى ما يشبه "صندوق اسود" يشبه بلاك بوكس في الطائرات ولا يستطيع غير المتخصصين اختراقه. فالملاح في السيارة يعطل التفكير، ولهذا نشاهد الإنسان يقع في مشكلة حقيقية عندما يعطب الملاح فجأة أو حينما يرتكب الجهاز خطأ ما بسبب برمجة خرائط خاطئة فيه.

 صورة رقم 5 - تقنيات معادية تجعل الناس اكثر كسلا واكثر غباء.. تمعن فيها

ولا تختلف حالة الهاتف الذكي، الذي يبعث السرور في قلوب الناس، لأن الإنسان ما عاد بحاجة حتى إلى تغيير البطارية، ويضطر امام أي عطب صغير إلى اعادة الجهاز إلى الشركة، أو القائه في القمامة وشراء جهاز جديد. وباختصار، وعلى طول خط التطور التقني، تحولت الغالبية العظمى من البشر إلى مستخدمين لا غير، مقابل نسبة ضئيلة من المختصين.


الزهايمر الرقمي

يستشهد شميدباور أيضًا بكتاب "الزهايمر الرقمي" لزميله الألماني مانفريد شبيتزر، الباحث في علم وظائف الدماغ، ويشرح كيف يؤدي الاعتماد على ذاكرة الأجهزة إلى فقدان الذاكرة في الدماغ البشري وصولًا إلى العته الرقمي، إذ يعرف الجميع أن الدماغ بحاجة إلى تمرين دائم، وان الاعتماد على الأجهزة يضعف قدراته. وهناك مناطق دماغية معينة في مؤخرة الدماغ لا تعمل ولا تخزن المعلومات مالم يسعى الإنسان نفسه لتذكرها.

 صورة رقم 6 - تقنيات معادية تجعل الناس اكثر كسلا واكثر غباء.. تمعن فيها

ويتساءل الكاتب: "هل هي صدفة أن يجهل معظم مستخدمي الهاتف الجوال أرقام هواتفهم، أو أرقام هواتف ذويهم؟". يستخدم جيل ما بعد 1980 ابهامه بشكل أفضل من الجيل الذي سبقه، ويستطيع التعامل مع التقنيات بشكل أفضل، كما تطور الادراك البصري لديه بشكل جيد، لكن قدراته على التذكر وعلى التعامل مع الأرقام تراجعت، بحسب العديد من الدراسات العلمية. في نهاية الكتاب، يعترف الكاتب بأنه لا يملك علاجًا لهذه الحالة، كما انه لا يستطيع منع البشر من التعامل مع الظواهر التقنية الحضارية، لكنه يحتكم إلى العقل، ويناشد الناس التعامل مع التقنيات بذكاء وانتقاء المفيد منها.

spacer
spacer
الاعلانات على مسؤولية اصحابها، ولا يتحمل موقع فرفش أي مسؤولية اتجاهها
spacer