هو العنف الذي يمثل كل انواع الضرر النفسي من خوف، تهديد أو إنتهاك للحريات، وهو لا يعني توجيه الأذى المادي المباشر ( كما هو الحال في العنف الجسدي ) ، ولكنه وسيله للهيمنه أو السيطرة على الشريك عن طريق التهديدات المبطنه ( التي قد تكون عن طريق نظره معينه للعين، إشاره باليد او لغة الجسد ). وقد يكون العنف النفسي عن طريق التهديد أو التوبيخ أو الإنتقادات الجارحه المتكررة، أو عن طريق التجاهل والإذلال أو توجيه اللوم او الإتهامات الباطله أو الإستجوابات المهينه المذله.
يستعملون العنف على زوجاتهم
كوسيلة للهيمنة والسيطرة
ويمارس الكثير من الأزواج ( خاصةً ألأزواج الشرقيين )، هذا النوع من العنف على زوجاتهم كوسيلة للهيمنة والسيطرة على الزوجة ومنعها من التعبيرعن رأيها بشكل حر، خصوصا أمام أشخاص آخرين، مما يصيب الزوجه بالإحباط والخجل من المشاركه في نقاشات مستقبليه ( أمام الزوج طبعاً )، خوفا من المزيد من الإنتقادات اللاذعه التي يمكن ان تصدر عنه، وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى تقوقع الزوجه وانعزالها اجتماعيا ،إضافة الى الإساءة النفسية التي تشمل فقدان الثقة بالنفس والإنحسار النفسي التدريجي الذي يمكن ان يؤدي الى العديد من الأمراض النفسيه كالكآبه ( depression )، او العزله ( isolation ). ويكون تأثير ذلك أقوى وأعمق اذا كانت الزوجة مثقفة ومرهفة الحس ، فالتأثير في هذه الحاله يكون مُدم ِرا ومُحبِطا.
وهناك نوع آخر من انواع العنف النفسي ، وهو العنف الإقتصادي. وهذا يحدث عندما يكون لإحد الزوجين الهيمنة الإقتصادية في البيت ( كأن تكون الزوجة ربة بيت أو غير عاملة أو عندما تكون في إجازة وضع أو امومة..الخ.. وليس لديها دخل مادي ثابت) ، فالذي يحصل ان الزوجه في هذه الحاله تكون معتمدة اعتمادا كليا على ما " يجود " به الزوج ، وهنا تكمن المأساة عندما يكون الزوج متسلطاً أو مريضا نفسيا، فيستغل هذا الظرف عن طريق ممارسة الضغوط النفسية على الزوجه وإشعارها " بالتبعي َه الإقتصاديه "والإعتماد عليه بشكل كامل لتسهيل السيطره عليها فيما بعد.
ثم هناك الأزواج الذين يمنعون زوجاتهم من العمل وفرصة الحصول على دخل مادي مستقل.. والسبب هو ضعف الثقة بالنفس والتخلف ولإرغام الزوجة على الشعور بالإحتياج المادي و"التسو ل" لسد حاجاتها الشخصية. وهناك نوع من انواع العنف المادي الذي يتضمن قسم الزوجة على التوقيع على ديون، او قروض مصرفية، مما يؤدي بالتالي الى تكبيلها بديون وقروض استفاد منها الزوج تحديداً، وإثقال كاهل الزوجة حتى لا تمتلك حق التصر ُف المالي المستقل مستقبلاً.
واغلب الازواج يفضل الحساب المصرفي المشترك الذي يعطي الزوج الحق بالتصرف بما تملكه زوجته، وفي اغلب الاحيان يكون للزوج حساب مصرفي سري لا تعرفه الزوجة يقوم فيه بالإدخار بعيدا عن انظار زوجته للامعان في التحكم والسيطرة.
العنف النفسي.. هو التهديد باستخدام
الاطفال كورقة رابح
وهناك ايضاً اسلوب يسلكه الازواج للسيطرة على الزوجة ويعتبر نوعا من انواع العنف النفسي، الا وهو التهديد باستخدام الاطفال كورقة رابحة في الصراع، مما يضطر الزوجة في اكثر الاحيان للخنوع والتحمل والتسليم والتضحية بالنفس، مقابل التواجد اليومي مع الاطفال ، وهو ما يزيد من سطوة الزوج وعنجهيته والمبالغة باداء دور (سي السيد) في ثلاثية نجيب محفوظ الخالدة.
وأنا أعرف ازواجا يـُملون على زوجاتهم المواضيع التي يطرحنها لدى زيارة اصدقاء العائلة ، ويقومون بمراقبة زوجاتهم طوال الزيارة، والإيماء بالعين وبالاشارة عندما تخرج الزوجة عن الإطار الذي وضع لها قبل الزيارة، وهو سلوك يمثل انتهاكا صريحا لحق الزوجة في التعبير عن رأيها الشخصي والمستقل. وهذا ينطبق ايضاً على اتخاذ القرارات الخاصة في الاسرة، حين يقوم الزوج في الانفراد بإتخاذها وهو نوع من العنف النفسي الخطير الذي يمارسه الازواج بحق زوجاتهم.
ومن الانماط الاخرى للعنف النفسي، مراقبة الزوجة من طرف خفي او بشكل سافر او فحص ما تفعله الزوجة،الغيرة المبالغ فيها، منعها من التحدث مع الاخرين عزلها اجتماعيا، منعها من اقتناء التليفون الخلوي او فتح ايميل خاص به.. الى آخره من منعها من التواصل اجتماعيا عن طريق الوسائل التكنلوجية الحديثة.
وتعنى الدول المتقدمة خاصة، تلك التي تركز على المساواة بين الرجل والمرأة على مراقبة هذا الموضوع بشكل جدي لمنع الكثير من حالات الاساءة الى الشريك وهو من النساء (غالباً) ، والحد من تمادي بعض الازواج في استخدام سلطاته كزوج واعتبار الزوجة جزءا من الممتلكات الشخصية. وما يعتبر اجراء تلقائيا في الخارج (المحافظة على حقوق الزوجة) ، يعتبر ترفاً اجتماعياً في مجتمعاتنا الشرقية وجزءًا من كماليات المجتمع، خصوصيات الاسرة، وكأن المعنيين قد نسوا او تناسوا ان الاسرة هي نواة المجتمع ، وبدون اسرة سليمة، لا يمكن باية حال، ان يكون هناك مجتمع متطور يرقى الى مصاف المجتمعات المتقدمة.
ملاحظة: الصور للتوضيح فقط!