لم يمنعه كونه مسيحياً أن يقوم بواجب دفن مسلم أخر، نظراً لأن رابطة الوطن تستطيع أن تكسر كل الحواجز. كان الدكتور عبدالله مباشر نائب رئيس الجالية المصرية فى رومانيا قد تلقى اتصالاً هاتفياً فى 29 سبتمبر/ ايلول الماضى من زوجة أحد المصريين، حيث كان زوجها قد توفى وطلبت منه أن يرشدها الى الخطوات الواجب اتباعها كى تقوم بطلب من يقوم بعملية غُسل زوجها وتكفينه. ونظراً لقلة اعداد المصريين فى هذه المنطقة، وبسبب ارتباط الدكتور عبدالله مباشر بتقديم واجب العزاء فى مصرى اخر توفى فى نفس اليوم، فإنه طلب من الاستاذ سعيد لويس وهو مصرى مسيحى أن يقوم بكل ما من شأنه الانتهاء من عملية دفن المصرى المسلم.
يقول الدكتور عبدالله مباشر فى تصريحاته التى نشرها على فيس بوك إن سعيد لويس لا يمتلك سيارة ولم يتحجج، بل لبى طلبه على وجه السرعة وبسعادة بالغة، وتوجه الى مكان المتوفى المصرى المسلم، لتبدأ احى ملاحم الوطنية التى تخطت كل الحواجز فى لحظة شجن واختبار انسانى. الا ان سعيد لويس قد وقع فى حيرة نظرا لأنه لا يعرف احكام الغسل، ولا يعرف مدى شرعية ماسيقوم به، وما كان عليه الا ان تواصل مع عدد من المسلمين وشيوخ الجالية المصرية، ليعرف منهم أحكام الغسل والتكفين والدفن، وهل يجوز لقبطي أن يقوم بهذا الدور. فأفادوا بأنه يمكن له المشاركة في جميع مراحل الدفن.
سعيد لويس القبطي المصري الذي دفن مسلماً
لم يتوقف الامر عند هذا الحد، بل ان سعيد لويس الذى شارك فى حمل جثمان المصرى المسلم ونقله الى اقرب مسجد حيث كان يوجد هناك مسلمون، وبدأ لويس فى الوقوف خلف المصليين ليردد الادعية معهم. بعد الصلاة والانتهاء من الدعاء قام سعيد لويس بحفر قبر المواطن المصرى المسلم فى أبهى تجلٍ لصور الوطنية المصرية، التى ظننا يوماً ما انها فى طريقها للاندثار. وقد كان هذا الحدث أفضل اختباراً لمؤشر الوطنية المصرية، وهو مايمكن ملاحظته فى تعليقات المصريين على ماكتبه الدكتور عبدالله مباشر على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، حيث كان الاجماع أن مصر مازالت بعيدة عن الفخ الطائفى. جدير بالذكر أن هناك مطالبات بمنح سعيد لويس لقب الرجل المثالى لعام 2015.
